يرصد الكتاب "سياسة (إسرائيل) الخارجية تجاه القوى الصاعدة: تركيا، الهند، الصين وروسيا"، ويحلل تطور العلاقات الإسرائيلية مع كل من الهند والصين وتركيا وروسيا الاتحادية في فترة ما بعد الحرب الباردة، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات التاريخية والمفاصل المهمة التي مرّت بها هذه العلاقات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبروز النظام الدولي ثنائي القطبية، الذي ألقى بظلاله على مجمل المنظومة الدولية وتوازنات القوى الإقليمية.
ويوضح الكتاب كيف شكل العام 1990-1991 عاماً فاصلاً في تاريخ العلاقات الدولية بمجمل تجلياتها ومظاهرها وصورها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والإعلامية، وموقع (إسرائيل) منها، إذ شهد هذا العام انهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية ممهداً لظهور نظام دولي يميل بوضوح نحو الأحادية من خلال سيطرة الولايات المتحدة على مفاصله، على الأقل حتى وقوع أحداث أيلول في العام 2001، وقد جاء هذا العقد لصالح (إسرائيل) بكل المعايير والمقاييس نظراً لعلاقتها الإستراتيجية وشراكتها مع الولايات المتحدة في أغلب المجالات والميادين، وفي أكثر من ملف إقليمي ودولي.
ويرصد الكتاب كيفية ترتيب (إسرائيل) لأوراقها الخارجية، استباقاً لتغيرات دولية وإقليمية، أو لحاقاً بها، وبحثها المحموم عن فضاءات للعمل والنفوذ في المجالات الجيوسياسية التي تعتقد أنها ستكون مؤثرة عليها، ولعبها على التناقضات كما الحال بين الهند وباكستان، وبحثها عن مواطئ قدم على تخوم إيران وغيرها.
حققت (إسرائيل) وفق الكتاب نجاحات واختراقات ذات مغزى تاريخي واستراتيجي خاصة في علاقاتها مع الهند والصين وروسيا بعد انتهاء الحرب الباردة، وفتحت نوافذ في سياقات كانت محكمة الإغلاق رغم ما رافقها أحيانا من تذبذب، فيما تلقت لطمات مفاجئة وموجعة في الحالة التركية. ويخلص الكتاب إلى إن المحددات التي لعبت دوراً في صوغ السياسة الخارجية الإسرائيلية مع هذه القوى كانت:
* بناء تحالفات إستراتيجية وسياسية مع الدول الكبرى الصاعدة بعد الحرب الباردة، مثل الهند، الصين وروسيا التي تحاول استعادة دورها الإقليمي والدولي، وذلك بغية الاستفادة من المناخ الدولي والإقليمي الجديد، وعدم الاعتماد على تحالف استراتيجي أحادي مع الولايات المتحدة الأميركية.
*استغلال النيوليبرالية الجديدة في تعميق التحالفات مع هذه الدول، خصوصاً وان دولاً مثل الهند والصين تعتبران دولتين صاعدتين على المستوى الاقتصادي، ولديهما رغبة في الاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية، كما أن (إسرائيل) ترى فيهما سوقا نامية لصناعاتها المدنية والعسكرية.
*بدأ المحور الإيراني (والإسلام السياسي عموما) يلعب في العقد الأخير دوراً أساسياً في علاقات (إسرائيل) الخارجية. وتشكل هذه الدول الثلاث، دولا مهمة في الجهد السياسي الإسرائيلي لاحتواء البرنامج النووي الإيراني والحفاظ على التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي في المنطقة. إلا أن نجاح (إسرائيل) في هذه الدول متفاوت، ويختلف من دولة إلى أخرى، كما أنه ديناميكي وغير ثابت".
يشار إلى أن الكتاب من إصدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، ومن تأليف د. أيمن يوسف ومهند مصطفى